حق التجربة !
4:46 م
قد تعتقد إنك حكيماً ،عِشت تجارب كثيرة، و سنك أو قدراتك يتيحوا لك التحدث عن هذه التجارب و كأنها حقائق و ليست أراء شخصية! ،ربما ترى الحياة بنظرة خاصة ،و تعتقد أنك تعرف الحقيقة كاملة ،فمصاعب هذه الحياة التى عشتها تجعل على عاتقك مسؤلية نصح و إرشاد الصغار ،حتى لا يأخذوا نصيباً من هذه المصاعب و الاّلام ،أليس كذلك؟
و لكن حين تأخذك هذه المسؤلية إلى النصح ،ربما لا يتقبل الصغار هذه النصائح ،بل و يعتقدوا إنك شخص أنانى! ،تريدهم مثلك! ،لا كما يريدوا أن يكونوا هم. و كأنك صنعت قوالب لتضعهم فيها ،ليصبحوا نسخ منك، نسخ مكررة عفا عليها الزمن ،لا فائدة منها ! !
حتى و إن كنت من الناجحين ،أو حتى العباقرة فلن تفلح فى إقناع صغيراً ألا يجرب السباحة خوفاً من الغرق ! ،سيعتقد فى نفسه أنك لا تثق فيه و تقلل منه ،حتى و إن كنت محقاً ،و نجحت فى تشكيله كما تريد ،فستكون النتيجة مؤسفة لأنك قتلت روح المغامرة بداخله ،و تسببت فى تحويل هذا الصغير ، إلى شخص جبان ،وكأنه كبير السن لا يقوى على النهوض من الفراش ليقضى حاجته،خوفاً ألا يستطيع الرجوع مرة اّخرى ! ، و لا ينظر من النافذة حتى لا يضطر إلى النظر بعيداً ،فالأشياء البعيدة تخيفه،و ترهبه ،تبث الرعب فى قلبه و تشعره بالغموض ،و تذكره بعجزه و فقدانه للمغامرة و الخوف المجهول! !
أصبح شخص لا يتحمل نتيجة أفعاله، يسقط مسؤلياته على الاّخرين، و يخاف من تجربة أى جديد ، شخص لا يسعه الإختيار ،فقد تعود على وجود من يختار له، و يحدد له الصواب من الخطأ ! !
لا أتحدث عن المبادىء الدينية و الأخلاقية ! لأن الله عز و جل رحيم و كريم ، خلقنا و أنعم علينا بالقرأن و السنه ،بها الكثير و الكثير من الدُرر المُعلمة ، و بما أنك أنت المعُلم الأول لصغيرك ،كن أنت الشخص الرائع الذى تريد أن يكونه ، و هو سيتعلم منك كل ما تقوم به.
أنا أتحدث عن الأساليب الحياتية و القرارات المصيرية ، و إختيارات الحياة المختلفة،فكم من ملحد كفر بالله ،بسبب شعوره برغبة أحدهم بالسيطرة عليه و كبت الحُرية بداخله،و إرغامه أن يكون شخصاً لا يريده ،فأمتد الأمر للإلحاد!!
دع له أمر إختيار ما يناسبه و يرضيه ، يمكنك تعليمه أى شىء و لكن بالرضا ،لا ترغمه ! ، لا تلغى شخصيته، دع له مهمة الإختيار ،وأخذ القرارات المصيرية و غير المصيرية بنفسه، فالحقيقة ليس بالضرورة أن تكون ما تعتقده أنت، ربما أنت تعرف جزء منها و ربما أنك لا تعرف عنها شيئاً، و لكن بالتأكيد أنت لا تعرف الحقيقة كلها!
أنت عشت التجربة ،و
إتخذت قراراتك بناءاً عليها ،لو لم تقع فى البداية و حاولت النهوض لما نجحت فى تعلم المشى !، لو لم تحاول الإقتراب من النار و تأذيت أو أدركت إنك ربما تتأذى و إبتعدت لما وعيت بخطورة الإقتراب ،أليس كذلك ؟
دع صغيرك يعيش سنه ،و يكتسب خبرات من التجارب الخاصة به، لا تحرمه حق التجربة، دع له القرار ،لا تأخذ قرارات بالنيابة عنه! ، فهو يعيش و مازال يتنفس، لديه
قلب يشعر ، و عقل يفكر !
إنصحه ،ضعه على أول الطريق ،أعرض عليه الأمر ،و دع له القرار النهائى سواء
مضى قدماً أو إختار طريق أخر، عوده على تحمل مسؤلية حياته ،حتى لا يدور الزمان و
يفعل مع صغاره مع تفعله معه أنت!
0 التعليقات: